 (1).jpg)
أسامة داود يكتب : أزمة وزارة البترول

بعد مرور اسابيع علي الاستقالة غير المعلنة لرئيس هيئة البترول وتعرض القطاع لازمات متلاحقة بسبب قيام وزير البترول طارق الملا سلب كل الصلاحيات من رئيس هيئة البترول ورؤساء الشركات القابضة ومنحها لنفسه ، مع ترك المسئوليات وادارة الازمات لرئيس الهيئة ورؤساء الشركات القابضة . وكان تجاهل الوزير لرئيس الهيئة وعدم استشارته في تعين رؤساء الشركات والقيادات بالهيئة القشة التي قصمت ظهر البعير بجانب العديد من الاسباب الاخري التي نتولي وضعها أمام الجميع .
" طاقة نيوز " بدأت رحلة من البحث حول ألاسباب الغير معلنة لاستقالة المهندس طارق الحديدي كأول رئيس هيئة يستقيل من موقعه لنكتشف أن الحديدي فوجئ عقب توليه رئاسة الهيئة بأن كل الاختصاصات التنفيذية لرئيس الهيئة قام بسلبها المهندس طارق الملا وزير البترول ومنحها لنفسه . بينما ترك له كل الازمات بداية من انسحاب ارامكو من الالتزام بتوريد صفقات بترول الي مصر . مرورا بأزمة تحرير سعر الصرف مما شكل عبئا علي كاهل الهيئة بخلاف ازمات أخري تحملها رئيس الهيئة .
وقالت المصادر أن الحديدي اكتشف أن كل التعينات لرؤساء مجالس إدارة الشركات ورؤساء العمليات ومديري الإنتاج قد انتقلت من سلطة رئيس الهيئة الي الوزير واصبحت مهام رئيس الهيئة تنحصر في مسئوليات دون اي سلطات .
وقالت المصادر أن الحديدي فوجئ بمخاطبته من جانب رئيس الوزراء ووزير البترول في لقاء عقده رئيس الوزراء مع قيادات البترول خلال فبراير الماضي يطالبونه بزيادة الإنتاج فجاء رده بضرورة سداد المديونيات التي عادت لتتراكم لصالح الشركات الأجنبية لكنه لم يتلقي تعليق من وزير البترول او رئيس الوزراء .
واشارت المصادر الي أن المديونيات بلغت مؤخرا ٤ مليار دولار بزيادة ٢٥ ٪ عن اخر موقف لها قبل تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف .
واضافت المصادر وجود تراجع في الانتاج من ٧٠٠ الف الي ٥٣٠ الف برميل يوميا بسبب سحب العديد من الشركات الأجنبية للحفارات سواء في مجال التنقيب او الصيانة .
السُلطة لي و المسئولية عليكم !
من الاسباب التي جاءت ضمن أسباب لاستقالة أن شركة خالدة أكبر شركة انتاج للزيت الخام في مصر تعرضت لمشكلة كبرى ، حيث الحفارات التي تستخدمها الشركة 35 حفارا منها 21 جهاز للحفر و15 جهاز لاصلاح الابار وقد انسحب عدد من الاجهزة مما أدي الي تراجع الانتاج من 150 الف برميل الي 119 الف برميل فقط .وبتروبل تراجع انتاجها من 100 الف الي 85 الف برميل فقط ، بينما قرر الوزير جمع كل الصلاحيات في يده تاركا الازمات لغيره .
طارق الحديدي أول رئيس للهيئة العامة للبترول يقرر الاستقالة تاركا منصبه في عمر ال57 عاما وبعد عام من تولي رئاسة الهيئة ادار خلالها أزمتين كانت كلا منها كفيلة باحداث كارثة في سوق الوقود المصري ، الاولي انهت عصر الفطام او البترل المجاني الذي كان يتم ضخة خلال السنوات من النصف الثاني لعام 2013 وحتي بداية 2016 من جانب دول الخليج وبعد اسقاط حكم الاخوان وبلغت قيمة صفقات البترول المجاني 30 مليار دولار ، بالاضافة الي الشحنات الاجل سداد قيمتها ،
تولي طارق الحديدي الامر جاء مع انتهاء سنوات الرضاع المجاني وأيضا مع بدء حلول موعد اقساط البترول مؤجل السداد .مع ضرورة توفير الاحتياجات الضرورية من المواد البترولية للسوق المصري بكميات جديدة تصل الي 700 طن شهريا .
ورغم المسئولية التي تم القائها علي كاهل الرجل الا ان حماقات الحكومة كانت تمثل عبئا مضاعفا خاصة تحرير سعر صرف الدولار والذي ضاعف من قيمة مستحقات الاجانب مقابل الكميات التي تم شرائها منهم لضخها في السوق المحلي وكانت تلك الشركات تحصل علي جزء كبير من مستحقاتها الدولارية بالجنيه وتستخدم في دفع أجور العاملين من جانب وشراء المتسلزمات المتوافرة في السوق المحلي واغيرها من امور فتحملت الهيئة ضعف ما كانت تدفعه باعتبار انها تسدد المستحقات بالجنيه ولكن مقوم بالدولار فزادت الاعباء الي الضعف تقريبا .
الحديدي وأزمة أرامكو
رسالة عبر البريد الاليكتروني سبقت خطابا عبر الفاكس أعقبها خطاب رسمي من جانب شركة ارامكو السعودية اكبر شركة
بترول في العالم - وعقب تولي الامير محمد بن سلمان قيادتها - تقول عفوا لن نستطيع الوفاء بالاتفاق المبرم معكم بشأن توفير الكميات المتفق عليها من الزيت الخام خلال المرحل الراهنة . " والالتزامات هي توريد 700 ألف طن شهريا، تشمل نحو 400 ألف طن من زيت الغاز و100 ألف طن من زيت الوقود و200 ألف طن من البنزين بفائدة 2%.
.و كانت مصر قد وقعت اتفاق مع المملكة العربية السعودية لتمويل احتياجاتها البترولية لمدة 5 سنوات، وبدأت أرامكو في إرسال شحناتها منذ مايو الماضي . وكانت الرسالة اشبه بصدمة افقدت قيادات هيئة البترول توازنهم .
دعا طارق الحديدي رئيس الهيئة وقتها الي اجتماع فوري ، دعوة طارئة لا تقل بحال من الاحوال عن صفارة انذار باعلان حالة الطوارئ القصوي فهناك ملايين المركبات قد تتوقف بجانب عجلة الاقتصاد وكل آلة يرتبط تحركها بالوقود .
كان الاجتماع في قاعة الاجتماعات بالدور الاول بجوار مكتب رئيس الهيئة وجد الحديدي نفسة يتوسط كتلة من التوتر لعدد 12 من القيادات الشابة فاقدة للتوازن امام مسئولية تكاد تعصف بالامن القومي للبلاد خاصة وأن الكميات التي تنتجها مصر شاملة حصة الشريك الاجنبي كانت قد تراجعت من 700 الف الي حوالي 530 الف برميل يوميا فقط . بينما الاستهلاك السنوي من المواد البترولية كانت حسب تقرير الهيئة العامة للبترول 2014 – 1015 38 مليون طن تزيد بنسبة 7,4 % سنويا أي انها في 2016 – 1017 تصل الي اكثر من 43 مليون طن توزع من خلال حوالي 3400 منفذ تسويقي .
وباعتبار ان تلك القيادات كلها حديثة عهد بتحمل المسئولية وكانت تتضمن 8 قيادات جديدة لم يمر علي توليهم تلك المسئولية اكثر من شهور و4 قيادات مر عليها عامين فقط - وهذه من الكوارث التي تترتب علي التنقلات والتعينيات للقيادات التي يصر وزير البترول علي ان يتولاها بنفسه بعيدا عن رئيس الهيئة -
ابتسامة عريضة من طارق الحديدي علي كانت كافية لإنهاء حالة التوتر التي أصابت رجاله تلاها بضحكة عريضة . ظن الجميع ان الرسالة لا تعدو مزحة او ان الرجل لم يدرك حجم الكارثة .
تحدث طارق وقال "اعلموا اننا امام اختبار.. نعم هو صعب ، ولكن تجاوز الصعوبات لن يكون بحالة التوتر التي اراها ، لاننا مطالبون بحلول فورية ، وليس هناك رفاهية ان نعيش الصدمة ، لابد من حل فوري وأظن اننا رجال قادرون عليها ولو تسرب هذا الخبر خارج تلك القاعة لكانت هناك طوابير من المركبات تسد الطرق والشوارع نظرا للحالة النفسية سيشعر بها المواطن ..
سوف يكون هناك محاولات لتخزين الوقود من بعض المافيا وبعض الجهات ، سوف تنتشر عمليات التهريب ، والشعور بالخوف من الغد سوف يجعل الجميع امام محطات الوقود .
عاد الحديدي ليأمر بالتكليفات فورا لكل النيابات ..العمليات تقدم تقرير كل ساعة بالمخزون الاستراتيجي والاحتياجات ومناطق الاختناقات حال ظهورها . التخطيط وغيرها كل يعمل في مجاله، اعداد عروض فورا تقدم الي الشركات العالمية
كان اليوم الاربعاء 30 اكتوبر وفي ساعة متأخرة ..
وصلت في لحظات العروض الي الشركات في كل انحاء العالم بطلب تقديم اسعار لشحنات من الخام والمنتجات وجاءت الردود بعد 48 ساعة دون ان يعلم احد بالازمة ، ولتصل اول شحنة يوم الاحد 3 نوفمبر تلتها الشحنات المطلوبة وتم تأمين الموقف تماما .
وبعد ايام وتحديدا في يوم الاربعاء وبعد اسبوع من الازمة وبعد ثلاث ايام من وصول اول شحنة وصل الخبر الي أجهزة الاعلام والصحافة . ولكن دون ان يحدث اي أزمة لان بعد توفيق الله كانت قيادة مثل طارق الحديدي تمكنت من حلها .
ليصل الخبر الي الاعلام بعد ان اصبحت الازمة في خبر كان وكأنها لم تحدث ويأتي رد الهيئة بأن وقف ارامكو للبترول قد تم تعويضه منذ أيام .
لكن شخصية مثل طارق الحديدي لم تكن تقبل ما قبله غيره وهو ان يكون مسئول عن حل الازمات دون ان يكون لديه سلطة اختيار معاونية ورؤساء الشركات فكل مسئولية لابد ان تقابلها سلطة وهذا ما كان يجهله وزير البترول طارق الملا الذى اراد ان يجمع لنفسه كل السلطات ويترك لمعاونية كل المسئوليات . وهو ما جعل الحديدي يرفض ويقدم استقالته .دون ان يبدي أي سبب حتي لا يقال انه يهدف الي شو اعلامي .
ولكن الازمة الحقيقية أن يبقي قطاع البترول في عهد الملا نموذج لاستبعاد القيادات التي نجحت في ادارة الأزمات ربما لانها نجحت ولو كانت فاشلة لكان بقائها فرض عين .